:::: الواقعية في الحياة الزوجية ::::
إذا نشأ عقد زواج بين مؤمن ومؤمنة ، فقد ارتبطا بأوثق وأرقى رباط يجمع بين ذكر وأنثى ، وترتب بناءً على تلك العلاقة حقوق وواجبات خاصة تميِّزها عن غيرها من العلائق. ولقد قرَّر القرآن الكريم أن الزواج سكن ورحمة وحب ومودة. قال تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمة...}.
وليس الزواج علاقة غارقة في المثاليات، بل هي علاقة واقعية، أهم عناوينها: إخاء في العقيدة، وتعاون على الأعباء، وصحبة طيبة في الحياة، ووحدة في الهدف، وتجاوب في الثقافة.
وإذا ارتكب أحد الزوجين خطأً تجاه صاحبه، فهناك أعذار كثيرة لتلك الأخطاء، فالطبائع تتباين، ووجهات النظر تختلف، والعادات تتحكّم، ونوع الثقافة يُؤثر، ولاختلاف الجنس بين الزوجين دور كبير في تباين طريقة التفكير ومعالجة الأمور. فلو راعى كل زوج هذه الأمور لأكسب نفسه مرونة في السلوك وسعة في التفكير وقدرة أكبر على السيطرة واحتواء الموقف والتحكم في الظروف التي تواجهه، ولكان أقدر على ضبط انفعالاته وأحكم في اتخاذ قراراته تجاه الطرف الآخر. ومن الأمور المحببة التي تضفي الرونق والبهجة على حياة الأزواج لتمنحهم مزيداً من الإحساس بالدفء والأمان في ظلِّ حياتهم المسؤولة التي لا تخلو من الهموم والأكدار، هو إفصاح كل زوج لزوجه عن مشاعر الحب والتقدير التي يكنُّها له امتناناً لعطائه ووفائه. والمرأة بتكوينها النفسي وطبعها الأنثوي تحب أن ترى في زوجها الحبيب المشتاق الذي يلاقيها بابتسامة الرضا، وبكلام يثني فيه على خَلقها وخُلقها، فترضي بذلك أنوثتها وتشبع عاطفتها، فتصبح أكثر رقة ورشاقة وعطاءً لزوجها المحب الودود. ولكن ... هل هذا الأسلوب هو الوحيد للإفصاح عن مشاعر الزوج ومحبته لزوجه وبيته؟ وهل بهذا المقياس فقط يُقدّر حب الزوج لزوجه؟ إنه حقاً لمقياس ساذج ظلم فيه كثير من الأزواج.
ولكن .. من الخير أن يكون الرجل رقيقاً ودوداً يعطي برقَّة وحنان وابتسامة. فلا يشوِّه عطاءه السخيَّ لهذه الأسرة بالطباع الجافية، فالجفاء ليس برجولة كما يعتقد البعض، وإنما هو عجز وضعف.
وأخيراً: فإن الزواج علاقة يستمتع فيها العقل والقلب والروح، وتكون مبنية على الحب والتراحم، بل إن اللقاء الصامت بين الزوجين اللذين أسسا زواجهما على المعاني التي سبق ذكرها، لا يمضي بدون متعة عميقة باقية.
بقلم: بتول جزماتي*
* باحثة سورية، دبلوم دراسات عليا في الفقه المقارن وأصول الفقه، كلية الشريعة – جامعة دمشق.